أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

اخر التدوينات

"رحلة عالم إلى أرض الأشباح

 الفصل الأول: اكتشاف يهزّ التاريخ





كان الليل قد ألقى ظلاله الثقيلة على الصحراء، بينما راحت الرياح تعصف بالرمال حول خيمة الفريق البحثي بقيادة الدكتور سامر العريفي، عالم الآثار المعروف بجرأته ودخوله مناطق محرّمة تتجنبها البعثات العلمية الأخرى.

في عمق منطقة مهجورة تُدعى الهضبة السوداء، وقف سامر يتأمل صخورًا غريبة التكوين، عليها نقوش لم يستطع أحد تفسيرها منذ قرون.
كان مقتنعًا بأن هذه الأرض تخفي سرًّا أعظم من مجرد حضارة قديمة… سرًّا يتجاوز حدود العقل البشري.

وبينما كان ينقّب في تجويف صخري ضيق، لمحت عيناه شيئًا يلمع تحت طبقة من التراب.
مدّ يده، فوجد خنجرًا فضيًّا يختلف عن كل القطع الأثرية التي رآها في حياته.
كان الخنجر باردًا بشكل غير طبيعي، مزينًا برموز تتوهج بخفوت كأنها تتنفس.

قال لنفسه:
"هذا ليس من صنع البشر… أبداً."

وما إن وضع يده عليه بالكامل، حتى انطلقت ذبذبة قوية في الهواء.
تبعثرت الرمال من حوله، وتردّد صدى خافت بدا وكأنه نبض قلب كائن ما.

وفجأة… انشق الظلام.


الفصل الثاني: ظهور الساحرة الأخيرة

خرجت من العتمة امرأة طويلة القامة، ترتدي عباءة سوداء تنساب كالدخان.
لم يكن وجهها بشريًا بالكامل… كان جميلًا، ولكن بطريقة تخيف الروح.
عيناها بلون أرجواني يتوهّج، وملامحها تحمل قِدَم آلاف السنين.

قالت بصوت يزلزل الأعماق:
"كيف تجرؤ على لمس إرثي؟ أنا آخر الساحرات، آخر من بقي من عالمي… آخر من شهد النهاية."

شعر سامر أن الهواء أصبح أثقل من أن يُتنفّس، لكن رغم خوفه، تحدث بثبات العالم الباحث:
— "أنا عالم آثار… أبحث عن الحقيقة، لا عن الأذى. لم أقصد تدنيس شيء."

رفعت الساحرة يدها ببطء، فبدأت الصخور ترتجف حوله.
قبل أن يستطيع التفكير، أحاطت به دوامة من ضوء قاتم.

صرخت:
"إذا أردت الحقيقة… فلتعشها!"

ثم اختفى كل شيء.


الفصل الثالث: أرض الأشباح

فتح سامر عينيه ليجد نفسه في أرض لا تخضع لقوانين الطبيعة.
السماء بلا نجوم، والمكان ممتلئ بضباب أسود يلتف حوله مثل أيدٍ غير مرئية.
الأرض عبارة عن أطلال متكسّرة، وتعلوها أشجار ميتة تئنّ بصوت يشبه البكاء.

مرّت عليه أرواح هائمة، بعضها شفاف، وبعضها بلا رؤوس، وبعضها يملك وجوهًا تذوب كالشمع.
صوت الهمسات يقترب منه:

"عد… عد قبل فوات الأوان…"

لكنه لم يعد يستطيع العودة.

كانت الساحرة تقف على صخرة عالية، ووراءها وادٍ من أرواح تتلوى في العتمة.

قالت:
— "هذه هي أرض الأشباح… مقبرة عالمي. هنا دُفن كل شيء كنا نملكه."

اقترب سامر منها بحذر:
— "ما الذي حدث لعالمكم؟"

حدّقت فيه طويلًا قبل أن تقول بصوت مكسور:
— "نحن دمرناه… نحن من قتلنا حضارتنا."


الفصل الرابع: ذكريات حضارة سحرية

رفعت الساحرة يدها، فانشقت السماء، وظهرت رؤى من الماضي:

  • مدن تطفو في الهواء.

  • أبراج سحرية تهبط منها شلالات ضوء.

  • كائنات نورانية تتحدث بلغات لا تُشبه شيئًا عرفه البشر.

  • ممرات كونية تربط بين العوالم.

قالت:
— "كنا أقوى من أن نُهزم… لكن الطمع دمّرنا. تنازع السحرة على القوة الكبرى… والنتيجة كانت انفجارًا مزّق عالمنا، وابتلع أرواحنا إلى الأبد."

ثم ظهرت رؤى الدمار:
نار أرجوانية تلتهم المدن…
انفجارات تمزق السماء…
سحرة يتقاتلون بلا رحمة…
وصراخ يملأ الوجود.

أخفضت الساحرة رأسها:
— "كنتُ الأخيرة… الشاهدة على النهاية. ومنذ ذلك الحين، عاشت روحي سجينة في هذه الأرض."

شعر سامر بثقل المأساة، لكنه قال:
— "يمكن للمعرفة أن تنقذ عالمنا من تكرار ما حدث. قصتك مهمة… ويجب أن تُروى."


الفصل الخامس: اختبار الأرواح

لم ترد الساحرة.
بدل ذلك، لوّحت بيدها، فخرجت من الضباب ثلاثة أشباح طويلة، بلا عيون، تتحرك كأنما تنزلق على الأرض.

قالت له:
— "إن أردت العودة… وإن أردت الحقيقة… عليك تجاوز اختبار الأرواح."

شعر سامر بأن قلبه يكاد ينفجر من الرعب، لكنه تقدّم.
وقفت الأشباح أمامه، ثم بدأت تهمس بصوت واحد:

"أظهر قلبك الحقيقي… وإلا ابتلعناك…"

كان عليه أن يواجه خوفه… أكبر مخاوفه.

ظهر أمامه شبح على هيئة والده الراحل… وآخر على هيئة صديق فقده… وثالث على هيئة نفسه، لكن بوجه يملؤه اليأس.

تردّد سامر، ثم صرخ من أعماقه:
— "لن أخاف! لقد رأيت الموت… ورأيت السحر… ولن أتراجع الآن!"

فجأة اختفت الأشباح… وتفرّق الضباب.

وقفت الساحرة أمامه، وفي عينيها شيء يشبه الإعجاب.
قالت:
— "قليلون من البشر يملكون الشجاعة لمواجهة ذواتهم."


الفصل السادس: البوابة

رفعت الساحرة يدها، فظهرت بوابة من نور أرجواني تشبه شقًا في السماء.
قالت بصوت هادئ لأول مرة:

— "لقد أثبتَ أنك تستحق العودة. خذ الخنجر… فهو يحمل تاريخ عالمي. لكن تذكر… العلم دون حكمة قد يكون بداية النهاية."

كان سامر يعرف أن هذه تجربة لن تتكرر، فسأل قبل أن يرحل:
— "وماذا عنك؟"

ابتسمت الساحرة بابتسامة حزينة:
— "مكاني هنا… مع عالمي الأخير."

ثم دفعت البوابة بيدها، فانفجرت بنور قوي دفعه للخارج.


الفصل السابع: العودة إلى الواقع

فتح سامر عينيه، فوجد نفسه على الرمال، والخنجر في يده، لكنه الآن يلمع بضوء خافت يشبه نبض قلب.
أدار وجهه، فوجد فريقه يركض نحوه وقد أصابهم الهلع.

قال أحدهم:
— "اختفيت لثلاث ساعات! ظننا أنك ضعت في الجبال!"

نظر سامر إلى السماء.
بدت كما تركها… لكن داخله لم يعد كما كان.

عاد إلى مدينته، وبدأ يكتب كتابًا بعنوان:
"حضارة لم تُذكر… والساحرة الأخيرة"

وفي الصفحة الأولى كتب:
"قصة لم أقرأها… بل عشتها. ورسالة لا تخصني وحدي، بل تخص مستقبل كل حضارة."

تعليقات