أقسام الوصول السريع (مربع البحث)

اخر التدوينات

النجاة في جبال الأنديز: رواية حقيقية عن الإرادة والمعجزة (حدثة بالفعل)


في صباح 13 أكتوبر 1972، أقلعت طائرة أوروجوايية صغيرة من مونتيفيديو، على متنها فريق كرة قدم شاب، أصدقاؤهم وبعض أفراد العائلات. كانوا جميعًا متحمسين للسفر إلى سانتياغو لمباراة ودية، يضحكون ويتحدثون عن المستقبل، غير مدركين أن الرحلة ستتحول إلى تجربة مرعبة لا تُنسى.



بعد ساعات قليلة من الرحلة، واجه الطيار ضبابًا كثيفًا وظروفًا جوية صعبة. مع محاولته الهبوط في مطار سانتياغو، اصطدمت الطائرة بجبال الأنديز المغطاة بالثلوج. تحطمت الطائرة على الصخور، واندفعت الجبال الثلجية لتبتلع جزءًا كبيرًا من الحطام. الكثيرون لقوا حتفهم فورًا، بينما بقي 33 شخصًا فقط على قيد الحياة، مصدومين ومرعوبين.

اللحظة الأولى بعد الحادث كانت صعبة للغاية. كانوا عالقين في مكان معزول، بلا طعام كافٍ، ودرجات الحرارة تحت الصفر، والثلوج تغطي كل شيء حولهم. حاول الناجون البحث عن أي طعام أو ماء في الحطام، لكن الموارد كانت شحيحة للغاية.

في الأيام الأولى، كان هناك شعور بالأمل النسبي، خاصة مع بعض الجروح البسيطة التي تمكنوا من علاجها بأنفسهم. لكن مع مرور الوقت، بدأ الجوع يتسلل إلى كل خلايا أجسامهم، والبرد القارس يهاجم أطرافهم. اضطر بعضهم للنوم جنبًا إلى جنب للحفاظ على الدفء، وكانوا يراقبون بعين القلق أي علامات للحياة خارج الحطام.

مع مرور الأسبوع الأول، أصبح القرار الأصعب واقعًا لا مفر منه. نفد كل الطعام تقريبًا، وبدأت الأمراض والبرد تضعف أجسامهم. اتخذ الناجون قرارًا مؤلمًا وضروريًا: استخدام أي مصدر غذائي يبقيهم على قيد الحياة، بما في ذلك الجثث الباقية من الحادث. كان هذا القرار مؤلمًا نفسيًا، لكن من دون هذا الخيار، لم يكن أحد ليبقى على قيد الحياة.

كل يوم كان مليئًا بالصراعات النفسية والجسدية. البعض شعر باليأس، والبعض الآخر حاول تشجيع المجموعة على التكاتف والاستمرار. كانوا يتبادلون الكلمات المشجعة، أحيانًا بصعوبة بالغة، وأحيانًا بالصمت الحزين، لكن الأمل لم يمت.

بعد أكثر من شهرين، قرر اثنان من الشبان الشجعان، فرانكلين راميريز وروبن غونزاليس، مغامرة محفوفة بالمخاطر عبر الجبال، للوصول إلى منطقة مأهولة وطلب النجدة. كانت الرحلة صعبة للغاية: الثلوج العميقة، المنحدرات الخطرة، قلة الطعام والماء، والبرد القارس الذي كان يكاد يشل أجسادهم. كل خطوة كانت اختبارًا لإرادتهم، وكل لحظة كانت مواجهة مباشرة مع الموت.

بعد أيام من المشي المتواصل، وصلوا إلى قرية نائية، منهكين تمامًا، مجمدي الأطراف، جائعين، لكن محملين بالأمل. استطاعوا إبلاغ السلطات، التي سارعت بإرسال فرق الإنقاذ. بعد 72 يومًا كاملة من العزلة والمعاناة، تم إنقاذ 16 ناجيًا فقط من أصل 45 كانوا على متن الطائرة.

كانت قصتهم درسًا في الصمود والإرادة، شهادة على قدرة الإنسان على البقاء رغم أقسى الظروف. أعادت هذه القصة تعريف معنى الشجاعة والتضحية، وظهرت في كتب، مقالات، وأفلام، أبرزها فيلم “Alive” عام 1993، الذي نقل معاناة الناجين وقراراتهم الصعبة واللحظات الإنسانية المؤثرة التي عاشوها.

تعليقات